تسع مسائل نافعة حول القرآن الكريم
11-05-2013 09:30 صباحاً
0
0
513
الحمد لله الذي نزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق كل شيء فقدره تقديراً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله كان خلقه القرآن وجاهد به في سبيل ربه جهاداً كبيراً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فهذه كلمة مختصرة تشتمل على تسع مسائل متعلقة بالقرآن الكريم تمس الحاجة إلى معرفتها وأسأل الله أن ينفع بها:
1- القرآن عند أهل السنة والجماعة:
هو: (كلام الله) حقاً تكلم به على كيفية لا يعلمها إلا هو - سبحانه -، فليس هو بمخلوق وليس هو عبارة عن كلام الله ولا هو حكاية عن كلام الله بل هو كلام الله - تعالى -كما قال - سبحانه - (وإن استجارك أحد من المشركين فأجره حتى يسمع كلام الله) (المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - بواسطة جبريل حيث) كان جبريل يسمعه من ربه ويبلغه لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، (المتعبد بتلاوته) فافترض الله قراءة سورة الفاتحة في كل صلاة، وشرع قراءة ما تيسر منه بعدها، وندب عباده إلى تلاوته، ورتب لهم الأجر الجزيل على تلاوة كل حرف منه، (المعجز) الذي تحدى الله به الثقلين أن يأتوا بمثله أو بعشر سور منه أو بسورة منه فلم يفعلوا ولن يفعلوا، (المجموع بين اللوحين المفتتح بالفاتحة والمختتم بالناس) فلم يضع منه شيء ولم يزد فيه ما ليس منه والحمد لله تصديقاً لقوله - تعالى -(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (منه بدا) أي تكلم به - سبحانه - (وإليه يعود) في آخر الزمان فيقبضه من الصدور، ويمحوه من الصحف وذلك حين يهجره الناس فلا يؤمنون به ولا يعملون بما فيه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
2- وجوب الاعتصام بالقرآن الكريم:
لقد أنزل الله - عز وجل - هذا الكتاب هدى ورحمة وبشرى وضياء ونوراً وشفاء لكن لا ينتفع به إلا من آمن به وقرأه وعمل بما فيه على الوجه الصحيح، ومن تركه وأعرض عنه كان من الهالكين الخاسرين الأشقياء. قال - تعالى-: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) (123-126) سورة طـه
وقال - تعالى -: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا) (82) سورة الإسراء.
وقال - تعالى-: ( قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (15-16) سورة المائدة
وقال - تعالى-: (الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض) إبراهيم 1-2
وقال - تعالى-: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور)
وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إذا اعتصمتم به كتاب الله)) رواه مسلم
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "إن هذا الصراط محتضر تحضره الشياطين ينادون يا عبد الله هذا الطريق فاعتصموا بحبل الله فإن حبل الله القرآن". رواه الدارمي.
فمن طلب الهدى من غير القرآن فقد ضل ضلالاً مبيناً، أيها المسلمون: لقد جمع القرآن الكريم كل ما يصلح أحوال العباد في عقائدهم وعباداتهم وأخلاقهم، وتنظيم شؤونهم الفردية والجماعية والدولية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسة فلا خير للخلق في أمر دينهم أو دنياهم أو آخرتهم إلا ودلهم عليه، ولا شر قد ينالهم في دينهم أو دنياهم أو آخرتهم إلا وحذرهم منه، قال - تعالى-: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) أي في كل مناحي الحياة وشؤونها، وغني عن التنبيه أن الأمر بالاعتصام بكتاب الله أمر في الوقت نفسه بالاعتصام بالسنة؛ لأن القرآن مليء بالحث على الاستمساك بالسنة والعمل بها. وما نال المسلمين من نقص وانحطاط وخلل في الاعتقاد والعبادة والأخلاق وغيرها إلا بتضييعهم لكتاب الله ولسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مصداقاً لقوله - تعالى-: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً). وإذا عدت عجائب الدنيا فإن من أعجبها أن يمن الله على أمة بهذا القرآن ويجعل فيه عزها ورفعتها وسعادتها في الدارين ثم تعرض عنه فلا تحكمه في شؤونها ولا تأخذ منه عقيدتها ولا تقوم به أخلاقها إلا من رحم الله والله المستعان.
3- كيف نفهم القرآن الكريم؟
أولاً: يفسر القرآن بالقرآن الكريم، فكثير من الآيات جاء تفسيرها في مواضع أخرى من القرآن نفسه، وهذا أولى ما فسر به القرآن لأنه لا أحد أعلم بالقرآن من الله الذي أنزله.
ثانياً: يفسر القرآن بالسنة النبوية، فقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيراً من الآيات ابتداء أو إجابة على سؤال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - هو أعلم الخلق بكتاب الله، وتفسيره من حيث الحكم هو في درجة الذي قبله.
ثالثاً: إذا لم نجد للآية تفسيراً في القرآن ولا في السنة رجعنا إلى تفسير الصحابة لأنهم أعلم الخلق بالقرآن الكريم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لفصاحة ألسنتهم، وحدة أذهانهم، ولكمال علمهم، ولشهودهم التنزيل فعندهم من العلم بالقرآن ما ليس عند أحد ممن جاء بعدهم.
رابعاً: إذا لم نجد للصحابة تفسيراً رجعنا إلى تفسير التابعين، وأقوالهم ليست حجة على من بعدهم إلا إذا اتفقوا على قول، ولكن قول الخاصة منهم كمجاهد وسعيد بن جبير وأمثالهم ممن تلقوا التفسير عن علماء الصحابة وكبرائهم أقرب إلى الصواب من قول من جاء بعدهم.
خامساً: يجب أن يعلم أنه لا يجوز تفسير القرآن بالرأي المحض الذي لا يدل عليه نص ولا لغة إلا مجرد التحكم، ومنه تفسير القرآن بالمكتشفات الحديثة التي لا يتقين من صحتها في نفسها فضلاً عن أن يفسر بها كلام الله - تعالى -ومن تجرأ على تفسير القرآن بالرأي المحض فقد عرض نفسه للوعيد الشديد قال - تعالى-: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) وعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)) أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح. وليحذر المسلم من الرجوع إلى كتب التفسير التي اشتملت على الانحرافات العقدية كتفسير (الكشاف) للزمخشري المعتزلي وكتاب (في ظلال القرآن) وأمثالها، وفي كتب تفسير أئمة السنة كفاية وغنية وعلى رأسها تفسير الإمام الطبري، وتفسير الإمام البغوي، وتفسير الحافظ ابن كثير وأمثالها.
4- فضل تلاوة القرآن الكريم:
قال - تعالى-: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور).
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم يقول: (( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه )) الحديث رواه مسلم
وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في الصفة، فقال: (( أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين، في غير إثم ولا قطع رحم؟، فقلنا يا رسول الله: نحب ذلك، قال: أفلا يغدو أحدكم إلى مسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله - عز وجل - خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل)) رواه مسلم
وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق وفي رواية الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر)) رواه البخاري ومسلم.
وعن عائشة - رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، و مثل الذي يقرأ و يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران)) رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري ولفظ مسلم: (( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران))، وعن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرئ القرآن فيمر بالآية فيقول للرجل: خذها فوالله لهي خير مما على الأرض من شيء.
5- تدبر القرآن:
إن المقصود بتلاوة القرآن ليس الوقوف فقط عند قراءة حروفه، وإتقان تجويدها ومخارجها، وإنما المقصود تدبر القرآن وتفهمه والعمل بما فيه، قال - تعالى-: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) وقال - تعالى-: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب). وطريقة السلف لم تكن في الحفظ فقط أو التلاوة فقط بل كانوا يجمعون بين التلاوة والحفظ والتفقه في معانيه وأخذ النفس بالعمل به فجمعوا بين العلم والعمل والإيمان قال ابن مسعود: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن" وقال أبو عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب: "أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخرى حتى يعلموا ما فيهن فكنا نتعلم القرآن والعمل به، وسيرث القرآن قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم" السير (4/269).
6- من آداب التلاوة:
لتلاوة القرآن آداب كثيرة، ومنها:
1- الوضوء: وهو مستحب لذكر الله عموماً، ولو قرأه محدثاً صحت قراءته، لكن لا يمسه محدثاً؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا يمس القرآن إلا طاهر)) رواه النسائي، ولا يقرأه جنباً؛ لحديث علي - رضي الله عنه -: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً" رواه أحمد والخمسة.
2- السواك: لأنه مطهرة للفم الذي هو مخرج القرآن. قال يزيد بن أبي مالك: إن أفواهكم طرق من طرق الله - تعالى -فنظفوها ما استطعتم. رواه أبو عبيد في فضائل القرآن.
3- التمهل في قراءته: لقوله - تعالى -(وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً) وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال: (( لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) رواه الترمذي وأبو داود والدارمي وقال الترمذي حسن صحيح غريب.
4- التدبر والتفهم: وقد تقدم التنبيه عليه.
5- سؤال الله رحمته عند آيات الرحمة والاستعاذة به عند آيات العذاب، عن حذيفة: أنه "صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى، وما أتى على آية رحمة إلا وقف وسأل، وما أتى على آية عذاب إلا وقف وتعوذ" رواه أبو داود والترمذي والنسائي والدارمي. وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
6- ترك الجهر بالقراءة عند وجود من يقرأ أو يصلي لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن)) رواه الطبراني.
7- ومن آداب القرآن ألا يستشهد بالآية عند أمور الدنيا قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أن يتلو الآية عند الشيء يعرض من أمر الدنيا. قال أبو عبيد القاسم بن سلام: وهذا كالرجل يريد لقاء صاحبه أو يهم بالحاجة فتأتيه من غير طلب فيقول كالمازح: جئت على قدر يا موسى. وهذا من الاستخفاف بالقرآن. اهـ فضائل القرآن (1/297).
7- من آداب أهل القرآن:
1- إخلاص النية لله - تعالى -في تلاوة القرآن وتعلمه والعمل به.
2- التخلق بأخلاق القرآن وآدابه.
3- المواظبة على تلاوة القرآن ومراجعته، والتفقه في معانيه.
4- تعليم القرآن عند التأهل، وبذل الوسع في ذلك.
من أقوال السلف فيما ينبغي أن يكون عليه أهل القرآن:
1- قال ابن مسعود: ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس مفطرون وببكائه إذا الناس يضحكون وبورعه إذا الناس يخلطون وبصمته إذا الناس يخوضون وبخشوعه إذا الناس يختالون.
2- عن أبي الزاهرية أن رجلاً أتى أبا الدرداء بابنه فقال يا أبا الدرداء إن ابني هذا قد جمع القرآن فقال: اللهم غفرا إنما جمع القرآن من سمع له وأطاع.
8- التحذير من بعض البدع أو المخالفات المتعلقة بالقرآن الكريم:
أحدث الناس بدعاً كثيرة في تعاملهم مع القرآن ما أنزل الله بها من سلطان ومنها على سبيل المثال:
1- قراءة القرآن على الموتى لا سيما سورة (يس) مع أن الله - عز وجل - يقول فيها: (إن هو إلا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا).
2- قراءة القرآن في المآتم في مجالس العزاء.
3- المبالغة في التغني بالقرآن حتى يقرأ على قوانين الأنغام والألحان.
4- قراءة القارئ يوم الجمعة قبل دخول الإمام في الجامع والناس يستمعون.
5- قراءة القرآن بصوت جماعي بعد الصلوات الخمس أو بعضها.
6- إعداد الولائم وإقامة الحفلات لختم القرآن الكريم.
7- التزام افتتاح الطابور الصباحي في المدارس بقراءة القرآن.
8- كتابة بعض الآيات في الحروز والطلاسم التي يكتبها المشعوذون.
9- ترديد عبارات الاستحسان والإعجاب كلما سكت القارئ.
10- أخذ الأجرة على قراءة القرآن. ولا يدخل فيه أخذها على تعليم القرآن.
11- افتتاح دور خاصة للرقية بالقرآن الكريم.
12- تكرار سور معينة في الدقيقة الواحدة كسورة الفاتحة أو آية الكرسي، وهذه البدعة ظهرت بسبب انتشار النشرة التي تقول: "تستطيع في الدقيقة الواحدة أن تقرأ كذا أو تذكر الله كذا".
13- كتابة الآيات على جدر المساجد بقصد الزينة أو كتابتها أو تعليقها في البيوت أو على السيارات أو على الأجساد أو وضعها في الملابس وجعلها حروزاً وتمائم لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)).
والدليل على ما تقدم كله قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق عليه. فكل عبادة لم يرد دليها في الكتاب والسنة فهي بدعة سواء كان الابتداع في جنس العبادة أو مكانها أو عددها أو زمانها أو مقدارها أو سببها.
9- التداوي بالقرآن الكريم:
لا ريب أن الله - عز وجل - جعل القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين ويجمع يديه فينفث فيهما ثم يمسح بهما وجهه وما استطاع من جسده، ورقى بعض أصحابه، وأقر بعضهم على الرقية بسورة الفاتحة، فالرقية بالآيات القرآنية والأدعية النبوية حق، ولكن أدخل كثير من الناس في الرقية اليوم ما لا أصل له كتخصيص دور للرقية كما تقدم، وكاختراع ما يسمى بالقراءة المركزة، والنفث في خزانات المياه، والرقية عن طريق الهاتف، وأمر المريض بالتخيل حين القراءة يتخيل أشخاصاً من أقاربه أو أصدقائه فيقول له هذا الذي فعل بك وفعل فكم يحصل بسبب هذا من الخصومات وقطيعة الرحم، ومنها استعمال الكهرباء والضرب المبرح، ونحو ذلك مما عظم به الشر والفساد، وآخرون مشعوذون دجالون يستخدمون الشياطين ويلبسون على الجهال بقراءة شيء من الآيات حتى يظن أنهم إنما يعالجون بالقرآن فليحذر المسلم وليعلم أن الرقية أمر ميسور فهي قراءة آيات وذكر أدعية مباركات مأثورات مع النفث ومع تعلق القلب بالله وحده، وعظم الرجاء في كرمه وفضله ورحمته.
وبهذا أصل إلى ختام ما أردت التنبيه عليه، والإرشاد إليه في هذه الرسالة المختصرة، والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
فهذه كلمة مختصرة تشتمل على تسع مسائل متعلقة بالقرآن الكريم تمس الحاجة إلى معرفتها وأسأل الله أن ينفع بها:
1- القرآن عند أهل السنة والجماعة:
هو: (كلام الله) حقاً تكلم به على كيفية لا يعلمها إلا هو - سبحانه -، فليس هو بمخلوق وليس هو عبارة عن كلام الله ولا هو حكاية عن كلام الله بل هو كلام الله - تعالى -كما قال - سبحانه - (وإن استجارك أحد من المشركين فأجره حتى يسمع كلام الله) (المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - بواسطة جبريل حيث) كان جبريل يسمعه من ربه ويبلغه لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، (المتعبد بتلاوته) فافترض الله قراءة سورة الفاتحة في كل صلاة، وشرع قراءة ما تيسر منه بعدها، وندب عباده إلى تلاوته، ورتب لهم الأجر الجزيل على تلاوة كل حرف منه، (المعجز) الذي تحدى الله به الثقلين أن يأتوا بمثله أو بعشر سور منه أو بسورة منه فلم يفعلوا ولن يفعلوا، (المجموع بين اللوحين المفتتح بالفاتحة والمختتم بالناس) فلم يضع منه شيء ولم يزد فيه ما ليس منه والحمد لله تصديقاً لقوله - تعالى -(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (منه بدا) أي تكلم به - سبحانه - (وإليه يعود) في آخر الزمان فيقبضه من الصدور، ويمحوه من الصحف وذلك حين يهجره الناس فلا يؤمنون به ولا يعملون بما فيه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
2- وجوب الاعتصام بالقرآن الكريم:
لقد أنزل الله - عز وجل - هذا الكتاب هدى ورحمة وبشرى وضياء ونوراً وشفاء لكن لا ينتفع به إلا من آمن به وقرأه وعمل بما فيه على الوجه الصحيح، ومن تركه وأعرض عنه كان من الهالكين الخاسرين الأشقياء. قال - تعالى-: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) (123-126) سورة طـه
وقال - تعالى -: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا) (82) سورة الإسراء.
وقال - تعالى-: ( قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (15-16) سورة المائدة
وقال - تعالى-: (الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض) إبراهيم 1-2
وقال - تعالى-: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور)
وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إذا اعتصمتم به كتاب الله)) رواه مسلم
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "إن هذا الصراط محتضر تحضره الشياطين ينادون يا عبد الله هذا الطريق فاعتصموا بحبل الله فإن حبل الله القرآن". رواه الدارمي.
فمن طلب الهدى من غير القرآن فقد ضل ضلالاً مبيناً، أيها المسلمون: لقد جمع القرآن الكريم كل ما يصلح أحوال العباد في عقائدهم وعباداتهم وأخلاقهم، وتنظيم شؤونهم الفردية والجماعية والدولية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسة فلا خير للخلق في أمر دينهم أو دنياهم أو آخرتهم إلا ودلهم عليه، ولا شر قد ينالهم في دينهم أو دنياهم أو آخرتهم إلا وحذرهم منه، قال - تعالى-: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) أي في كل مناحي الحياة وشؤونها، وغني عن التنبيه أن الأمر بالاعتصام بكتاب الله أمر في الوقت نفسه بالاعتصام بالسنة؛ لأن القرآن مليء بالحث على الاستمساك بالسنة والعمل بها. وما نال المسلمين من نقص وانحطاط وخلل في الاعتقاد والعبادة والأخلاق وغيرها إلا بتضييعهم لكتاب الله ولسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مصداقاً لقوله - تعالى-: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً). وإذا عدت عجائب الدنيا فإن من أعجبها أن يمن الله على أمة بهذا القرآن ويجعل فيه عزها ورفعتها وسعادتها في الدارين ثم تعرض عنه فلا تحكمه في شؤونها ولا تأخذ منه عقيدتها ولا تقوم به أخلاقها إلا من رحم الله والله المستعان.
3- كيف نفهم القرآن الكريم؟
أولاً: يفسر القرآن بالقرآن الكريم، فكثير من الآيات جاء تفسيرها في مواضع أخرى من القرآن نفسه، وهذا أولى ما فسر به القرآن لأنه لا أحد أعلم بالقرآن من الله الذي أنزله.
ثانياً: يفسر القرآن بالسنة النبوية، فقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيراً من الآيات ابتداء أو إجابة على سؤال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - هو أعلم الخلق بكتاب الله، وتفسيره من حيث الحكم هو في درجة الذي قبله.
ثالثاً: إذا لم نجد للآية تفسيراً في القرآن ولا في السنة رجعنا إلى تفسير الصحابة لأنهم أعلم الخلق بالقرآن الكريم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لفصاحة ألسنتهم، وحدة أذهانهم، ولكمال علمهم، ولشهودهم التنزيل فعندهم من العلم بالقرآن ما ليس عند أحد ممن جاء بعدهم.
رابعاً: إذا لم نجد للصحابة تفسيراً رجعنا إلى تفسير التابعين، وأقوالهم ليست حجة على من بعدهم إلا إذا اتفقوا على قول، ولكن قول الخاصة منهم كمجاهد وسعيد بن جبير وأمثالهم ممن تلقوا التفسير عن علماء الصحابة وكبرائهم أقرب إلى الصواب من قول من جاء بعدهم.
خامساً: يجب أن يعلم أنه لا يجوز تفسير القرآن بالرأي المحض الذي لا يدل عليه نص ولا لغة إلا مجرد التحكم، ومنه تفسير القرآن بالمكتشفات الحديثة التي لا يتقين من صحتها في نفسها فضلاً عن أن يفسر بها كلام الله - تعالى -ومن تجرأ على تفسير القرآن بالرأي المحض فقد عرض نفسه للوعيد الشديد قال - تعالى-: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) وعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)) أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح. وليحذر المسلم من الرجوع إلى كتب التفسير التي اشتملت على الانحرافات العقدية كتفسير (الكشاف) للزمخشري المعتزلي وكتاب (في ظلال القرآن) وأمثالها، وفي كتب تفسير أئمة السنة كفاية وغنية وعلى رأسها تفسير الإمام الطبري، وتفسير الإمام البغوي، وتفسير الحافظ ابن كثير وأمثالها.
4- فضل تلاوة القرآن الكريم:
قال - تعالى-: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور).
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم يقول: (( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه )) الحديث رواه مسلم
وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في الصفة، فقال: (( أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين، في غير إثم ولا قطع رحم؟، فقلنا يا رسول الله: نحب ذلك، قال: أفلا يغدو أحدكم إلى مسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله - عز وجل - خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل)) رواه مسلم
وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق وفي رواية الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر)) رواه البخاري ومسلم.
وعن عائشة - رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، و مثل الذي يقرأ و يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران)) رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري ولفظ مسلم: (( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران))، وعن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرئ القرآن فيمر بالآية فيقول للرجل: خذها فوالله لهي خير مما على الأرض من شيء.
5- تدبر القرآن:
إن المقصود بتلاوة القرآن ليس الوقوف فقط عند قراءة حروفه، وإتقان تجويدها ومخارجها، وإنما المقصود تدبر القرآن وتفهمه والعمل بما فيه، قال - تعالى-: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) وقال - تعالى-: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب). وطريقة السلف لم تكن في الحفظ فقط أو التلاوة فقط بل كانوا يجمعون بين التلاوة والحفظ والتفقه في معانيه وأخذ النفس بالعمل به فجمعوا بين العلم والعمل والإيمان قال ابن مسعود: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن" وقال أبو عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب: "أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخرى حتى يعلموا ما فيهن فكنا نتعلم القرآن والعمل به، وسيرث القرآن قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم" السير (4/269).
6- من آداب التلاوة:
لتلاوة القرآن آداب كثيرة، ومنها:
1- الوضوء: وهو مستحب لذكر الله عموماً، ولو قرأه محدثاً صحت قراءته، لكن لا يمسه محدثاً؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا يمس القرآن إلا طاهر)) رواه النسائي، ولا يقرأه جنباً؛ لحديث علي - رضي الله عنه -: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً" رواه أحمد والخمسة.
2- السواك: لأنه مطهرة للفم الذي هو مخرج القرآن. قال يزيد بن أبي مالك: إن أفواهكم طرق من طرق الله - تعالى -فنظفوها ما استطعتم. رواه أبو عبيد في فضائل القرآن.
3- التمهل في قراءته: لقوله - تعالى -(وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً) وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال: (( لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) رواه الترمذي وأبو داود والدارمي وقال الترمذي حسن صحيح غريب.
4- التدبر والتفهم: وقد تقدم التنبيه عليه.
5- سؤال الله رحمته عند آيات الرحمة والاستعاذة به عند آيات العذاب، عن حذيفة: أنه "صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى، وما أتى على آية رحمة إلا وقف وسأل، وما أتى على آية عذاب إلا وقف وتعوذ" رواه أبو داود والترمذي والنسائي والدارمي. وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
6- ترك الجهر بالقراءة عند وجود من يقرأ أو يصلي لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن)) رواه الطبراني.
7- ومن آداب القرآن ألا يستشهد بالآية عند أمور الدنيا قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أن يتلو الآية عند الشيء يعرض من أمر الدنيا. قال أبو عبيد القاسم بن سلام: وهذا كالرجل يريد لقاء صاحبه أو يهم بالحاجة فتأتيه من غير طلب فيقول كالمازح: جئت على قدر يا موسى. وهذا من الاستخفاف بالقرآن. اهـ فضائل القرآن (1/297).
7- من آداب أهل القرآن:
1- إخلاص النية لله - تعالى -في تلاوة القرآن وتعلمه والعمل به.
2- التخلق بأخلاق القرآن وآدابه.
3- المواظبة على تلاوة القرآن ومراجعته، والتفقه في معانيه.
4- تعليم القرآن عند التأهل، وبذل الوسع في ذلك.
من أقوال السلف فيما ينبغي أن يكون عليه أهل القرآن:
1- قال ابن مسعود: ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس مفطرون وببكائه إذا الناس يضحكون وبورعه إذا الناس يخلطون وبصمته إذا الناس يخوضون وبخشوعه إذا الناس يختالون.
2- عن أبي الزاهرية أن رجلاً أتى أبا الدرداء بابنه فقال يا أبا الدرداء إن ابني هذا قد جمع القرآن فقال: اللهم غفرا إنما جمع القرآن من سمع له وأطاع.
8- التحذير من بعض البدع أو المخالفات المتعلقة بالقرآن الكريم:
أحدث الناس بدعاً كثيرة في تعاملهم مع القرآن ما أنزل الله بها من سلطان ومنها على سبيل المثال:
1- قراءة القرآن على الموتى لا سيما سورة (يس) مع أن الله - عز وجل - يقول فيها: (إن هو إلا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا).
2- قراءة القرآن في المآتم في مجالس العزاء.
3- المبالغة في التغني بالقرآن حتى يقرأ على قوانين الأنغام والألحان.
4- قراءة القارئ يوم الجمعة قبل دخول الإمام في الجامع والناس يستمعون.
5- قراءة القرآن بصوت جماعي بعد الصلوات الخمس أو بعضها.
6- إعداد الولائم وإقامة الحفلات لختم القرآن الكريم.
7- التزام افتتاح الطابور الصباحي في المدارس بقراءة القرآن.
8- كتابة بعض الآيات في الحروز والطلاسم التي يكتبها المشعوذون.
9- ترديد عبارات الاستحسان والإعجاب كلما سكت القارئ.
10- أخذ الأجرة على قراءة القرآن. ولا يدخل فيه أخذها على تعليم القرآن.
11- افتتاح دور خاصة للرقية بالقرآن الكريم.
12- تكرار سور معينة في الدقيقة الواحدة كسورة الفاتحة أو آية الكرسي، وهذه البدعة ظهرت بسبب انتشار النشرة التي تقول: "تستطيع في الدقيقة الواحدة أن تقرأ كذا أو تذكر الله كذا".
13- كتابة الآيات على جدر المساجد بقصد الزينة أو كتابتها أو تعليقها في البيوت أو على السيارات أو على الأجساد أو وضعها في الملابس وجعلها حروزاً وتمائم لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)).
والدليل على ما تقدم كله قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق عليه. فكل عبادة لم يرد دليها في الكتاب والسنة فهي بدعة سواء كان الابتداع في جنس العبادة أو مكانها أو عددها أو زمانها أو مقدارها أو سببها.
9- التداوي بالقرآن الكريم:
لا ريب أن الله - عز وجل - جعل القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين ويجمع يديه فينفث فيهما ثم يمسح بهما وجهه وما استطاع من جسده، ورقى بعض أصحابه، وأقر بعضهم على الرقية بسورة الفاتحة، فالرقية بالآيات القرآنية والأدعية النبوية حق، ولكن أدخل كثير من الناس في الرقية اليوم ما لا أصل له كتخصيص دور للرقية كما تقدم، وكاختراع ما يسمى بالقراءة المركزة، والنفث في خزانات المياه، والرقية عن طريق الهاتف، وأمر المريض بالتخيل حين القراءة يتخيل أشخاصاً من أقاربه أو أصدقائه فيقول له هذا الذي فعل بك وفعل فكم يحصل بسبب هذا من الخصومات وقطيعة الرحم، ومنها استعمال الكهرباء والضرب المبرح، ونحو ذلك مما عظم به الشر والفساد، وآخرون مشعوذون دجالون يستخدمون الشياطين ويلبسون على الجهال بقراءة شيء من الآيات حتى يظن أنهم إنما يعالجون بالقرآن فليحذر المسلم وليعلم أن الرقية أمر ميسور فهي قراءة آيات وذكر أدعية مباركات مأثورات مع النفث ومع تعلق القلب بالله وحده، وعظم الرجاء في كرمه وفضله ورحمته.
وبهذا أصل إلى ختام ما أردت التنبيه عليه، والإرشاد إليه في هذه الرسالة المختصرة، والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.